الأحد، 14 أغسطس 2011

كانت تقول الله أكبر ..






رأيتها تتساقط ..
مئذنة تتساقط ..

لم أدرك هول المشهد إلا بعد أن رأيتها حطامًا يتهاوى ..


إنها حقيقة!..




قصف حقيقي على مسجد بنهار رمضان وبأيدي مسلمين!
أو على الأقل كما يدعون ذلك

المكان حي دير الزور بسوريا...
الزمان .. كل زمان!












لا تخرج الشعوب إلى الشارع عبثًا..
ولا تراق دمائها عن طيب خاطر لإثبات بطولة زائفة॥


فالحرية حق ..
والكرامة حق ..

وحين يراق دمي ...
ويُهان ديني ..

يزداد الحق حقا!

ما يحدث في سوريا الآن يفوق كل تصور ..

فالطاغي يقر بطغيانه كل يوم .. ولا يكترث ..

يتفاخر بطغيانه .. ولا يكترث ..

يقول أنا الله بينكم .. ولا يكترث ..

يقصف المدنيين ..
يُمثل بجثث أطفال..
يدفن ثوارًا أحياء..

ولا يكترث

وفي المقابل ... نقف نحن أمام السفارة السورية!

أعتذر لسوريا ..
أعتذر وأعتذر..

أعتذر لشعب فدائي باسل كانت أقصى حدود معرفتي به، مجرد متابعة أعمالٍ فنية ... وقراءة أشعار نزار قباني!

فلم اقرأ غير الشعر..

ولم أفهم غير متأخرًا!

لم أعرف عن تاريخ ذلك البلد الجميل .. غير الجميل!

ولم أفق إلا بعد أن رأيت أول قطرة دم!

دماء في سوريا... من كان يتخيل؟!




تابعت الموقف ..

بحثت في المواقف ..

من مع ومن ضد

وكانت الصدمة التي لا يقل هولها عن رؤية الدم..

فنانون ومثقفون سوريون كنت أرى فيهم النضال منهجًا وعقيدة ..

كنت أعرفهم جيدًا ..

أحبهم كثيرًا ..

أعرف تاريخهم .. وكنت متابعة جيدة لأعمالهم

أسماء مجرد سردها يبعث في النفس روح الثورة!

وما إن قامت الثورة .. حتى سقطت الأقنعة!




الفنان ليس مجرد شخص حباه الله موهبة

بل هو نبض شعبه..

العقل الذي يترجم مشاعره إلى صورة ..

هو الصوت حين تُكتم الأفواه بالدبابات ॥



ولكن ما رأيته كان نبض بشار ...

وعقل بشار ..

وصوت بشار ..


يقول الدكتور مصطفى محمود: "الأحرار يبكون شهداءهم .. والعبيد يبكون جلاديهم"

وأقول لهم
أنتم لم تكنوا عبيدًا في البداية حتى تُستعبَدوا الآن!

إما أنكم كنتم تدعون وطنية ليست فيكم

أو أن الخوف هو من كان يتحدث !


إن الإدعاء كذب .. والخوف خيانة

ولكن بين الكذب والخيانة يظهر الصدق متجليًا في أناس لم يرسموا حول أنفسهم هالات بطولة..
شرفاء حقيقيون من الفنانين السوريين الذين قالوها بصدق ووقفوا بجانب الشعب.

مي سكاف، جمال سليمان، محمد أوسو، فارس الحلو، أصالة، محمد آل رشي، كاريس بشار، المنشد يحيى حوى، كندة علوش، يارا صبري والمخرج السوري ماهر الصليبي وغيرهم كُثر من الفنانين الذين أرادوا لشعبهم الحياة والحرية حتى ولو كان ثمن مواقفهم حريتهم هم.


إذا كان الوقوف أمام السفارة السورية هو أضعف الإيمان .. فلنفعل!


فطرد السفير السوري من بلادنا هو أقل تضامن مع ذلك الشعب الذي يعاني أشد أنواع القصف والقتل والتعذيب منذ أكثر من سبعة أشهر ولم يستسلم.

وإن كان هناك من يردد ذات الكذبة ويقول أن الأغلبية هناك هم من المؤيدين ..والديمقراطية تحتم علينا احترامهم

فسأقول إن هذا النظام فقد شرعيته مع أول دبابة دخلت قرية سورية لتقتل وتدمر!

مع أول خيمة نُصبت على الحدود التركية لسوري هُجِّر!

ومع أول مئذنة رأيتها تسقط بفعل قصف همجي .. وكانت تقول الله أكبر!






الأربعاء، 23 مارس 2011

ذات الرداء الأزرق!


لم استطع النوم قبل كتابة تلك السطور ...
لم أرد لحماستي أن تهدأ بفعل النوم..


فالمشهد كان بديعًا!



كنت عائدة من عملي انتظر قطار مترو الأنفاق المتجه إلى حي شبرا بمحطة مترو "حسني مبارك" كما هو مكتوب على اللافتة، محطة "الشهداء" كما أتمنى انا!



أقف على ذلك الخط الأخضر الذي يشير إلى مكان باب الصعود فأنا بعد 25 يناير"مصرية جديدة" احترم التعليمات، ورغم أنني كنت أسير على نفس النهج قبل ذلك اليوم العظيم، إلا أن الإحساس هذه المرة كان مختلف...إنها الثورة!



ووقفت بجانبي!


شقراء...طويلة ...ذات ملامح غربية ॥ترتدي بنطلون جينز وسترة زرقاء كانت تجاعيد وجهها تقول إنها قد قاربت الستين। وكنت أنا بجوارها، بناءً على نصيحة صديقة لي، " أعضعض" بعض المقرمشات كنوع من التنفيس بعد يوم حافل بالسخافات! كنت شاردة إلى أن فاجأتني بخطوة سريعة نحو شاب يقف قريبًا منا لتقول له بعربية "مكسرة":



" لو سمهت هنا أربية السيدات"! يضحك البعض ويتهامس البعض ... ينظر لها الشاب في دهشة ثم ينزع عن أذنيه السماعات ليقول لها عابثًا:


"أنتي بتكلميني؟!" تشرح له خطورة الوضع مرة ثانية باهتمام بالغ:


"هنا أربية السيدات ..لو سمهت روح الأربيات التانية"!


يبتعد الشاب عن المكان مرتبكًا ليذهب بعيدًا.. ترجع إلى جواري ليبدأ الحديث..


"كان واقف في المكان الغلط ولما كلمته راه الناهية التانية..ابقوا اتكلموا"
قالتها بابتسامة لي ولفتاة أخرى كانت تقف أمامي قلت لها وأنا محبطة: "هو مشي علشان شاف حضرتك مش مصرية فاتكسف منك" فقالت بحماس شديد:


"لأ أنا مصرية....إشت هنا سنين كتيييير" فسألتها بفضول: "أومال حضرتك أصلا منين؟؟!" ردت بسرعة ودون تفكير: "موش مهم!" لم أعرف لماذا لم تدر برأسي هذه المرة نظرية المؤامرة وأقل أنها من المؤكد إسرائيلية! خصوصًا بعد هذا الرد البوليسي الغامض "موش مهم"! ربما لبساطتها، فلم تكن تتحدث بتلك النبرة الغربية المتعالية! لم أشعر بالغربة وقتها!


لا أعرف ...فقد كانت صادقة جدًا


"لو انتوا كنتوا كتير واتكلمتوا مع بأض ..هيمشوا"


قالتها بنبرة تحفيز مصحوبة بابتسامة شبه دائمة نظرت إليها الفتاة في انبهار وسعادة وقالت: "إحنا في المترو اللي فات كان فيه برضو رجالة في العربية واتكلمنا كلنا لحد ما نزلوا ...بس لو واحد شكله قليل الأدب ماحدش بيفتح بؤه" ردت عليها قائلة وكأنها من ثوار ميدان التحرير:

"مصر بقت كويس ....وأنا مصرية وهافتح بؤي" ضحكْت وضحكوا من حولي، إلى أن جاء القطار فقلت لها: "ما تستغربيش لو لاقيتي حد نازل من باب الصعود" قالت لي وكأنها تطيب خاطري: "أنا إشت هنا سنين كتير وآرفة الناس هنا ....المصري كويس ..بس موش متأود آلا الديموكراسي" وقفنا سويًا بحكم الزحام هادئتان إلى أن وقع المحظور ونظرت خلفها!


كان هناك هذه المرة مجموعة من الشباب راكبين معنا عربة السيدات وقلت في نفسي "ربنا يستر"، ففاجأتني بنفس الخطوة السريعة متوجهة إليهم


"لو سمهتم هنا أربية السيدات..انزل أبل ما الباب يقفل"!


وهنا بدأت الكوميديا.. وكوميدية المشهد تكمن في مستوى الحوار الذي تحدث به شباب أكثرهم أناقة "واخد بشلة في وشه"! وكان الرد جاهز ومحضر قبل حتى وجود أي نية للشجار:


"إنتي كمان مش من البلد وبتتكلمي؟؟!"


قالها بعصبية مصحوبة بشيء من الضحك والسخرية فردت عليه بهدوء وابتسامة:


لأ أنا مصرية زيك!"

كدت اقبل رأسها احترامًا. تذكرت ذلك الزمن البعيد الجميل الذي عاش فيه بيننا أجانب على كل شكل ولون منصهرين فينا رافضين أي شكل من أشكال التصنيف!


يونانيين وطلاينة وأرمن وأتراك ......جميعهم وقت الشدة قالوا نفس كلمتها "لأ مصريين"! بل منهم من وصل به الأمر إلى محاربة الإنجليز معنا كأي فدائي مصري وقتها.



والآن زمن آخر ...حرب أخرى تسمى التغيير!


ثورة أخرى ضد احتلال فكري مسيطر كالعقيدة


وصل السجال بينها وبين أحد الشباب بعد شرح محاضرة منها عن كيفية احترام التعليمات إلى حد أن حلف بالطلاق لاهو نازل المحطة اللي جاية!

كانت محط سخرية الجميع، وهي رغم الضحك تنظر إلينا بعين الواثق في نفسه وبابتسامة المؤمن بما يقول. "انزلوا من الباب التاني ده للسوئود بس"!

كانت الوحيدة التي "فتحت بؤها" هدأ الموقف بنزول بعضهم من العربة وعناد البعض! جلست فجلست بجوارها وتبادلنا أطراف الحديث عن الثقافة المصرية، وكيف أن بإمكاننا أن نغير من بعضنا البعض... فقط إن توفرت لدينا الشجاعة والإيمان

كان الحديث حميمي بعربية "مكسرة" جميلة! نزلنا سويًا المحطة ذاتها. واعتذرت لها عن ما واجهته من سخافات وسوء أدب شباب العربة! وضعت يدها على كتفي وابتسمت قائلة:

"كل بلد فيه الهلو والوهش"!


وضعت تذكرتي بالماكينة ومن ثم هي. نظرت إليها لأودعها بعد مشهد هزلي مؤلم
من هول انبهاري وإعجابي بها. نسيت حتى أن أسال عن اسمها... فقد أجبرتني على النسيان.
فلما الاسم؟.. "موش مهم"!
يكفي أنها مصرية!


مصرية ....أرادت لمصرنا الخير
فأقسمت أن أكتب عنها حتى لو اضطررت إلى الإشارة إليها كما الحكايات بـ "ذات الرداء الأزرق"!


هذه المدونة إهداء إلى صديقتي "سحاب


تلك الفتاة الرقيقة التي لم أشعر للحظة أنها غير مصرية :)




الثلاثاء، 1 مارس 2011

Ol Engelish …Ol za tayem


إنجليزيتي ليست ببشاعة العنوان، ولكن أحيانًا...أقع في الفخ!

خطأ لغوي ....نطق غير سليم لكلمة.. تعبير "شهير" ولا أفهم معناه!

فخاخ صغيرة "وارد" أن يقع فيها أي دارس للغة، وبما أن دراستي لم تكن الإنجليزية فكان الفخ الصغير "نُقرة وضُحضيرة"!

والنُقرة والضُحضيرة تكمن في أن أغلب من أتعامل معهم في محيط عملي وفي غير محيط عملي... مترجمين لغة إنجليزية!

كنت أقع من النُقرة ومن ثم الضُحضيرة تقريبًا بشكل يومي!

أتحدث بحماس وجدية عن أمر ما يخص العمل، فتقاطعني صديقتي أثناء حديثي الجاد لتقول لي همسًا أن نطقي لكلمة event غير صحيح!....ثم تقوم بتصحيح نطقه لي!
يحمر وجهي قليلا و"أكُح" كُحة الإحراج وأكرر النطق الصحيح!

أُرسل بريدًا الكترونيًا لمديرتي وفور إرسالي له تتصل بي لتخبرني بأني قد استخدمت تعبيرًا في الرسالة ليس له وجود في الإنجليزية من الأساس!
يحمر وجهي قليلا و"أكُح" كُحة الإحراج، وأبدأ في البحث عن التعبير المناسب.




وبين "الكُحة" وحمرة الخجل ....أتعلم!

ليس عيبًا ...ولا حطًا من الذات!

فكل منا ينقصه شيء ليتعلمه




العيب أن ندع الخجل يبني من حولنا أسوارًا من الجهل، فنظل نختبئ وراءها حتى لا نفضح سوءاتنا!

بلادنا تتغير ..

وعلينا أيضًا أن نتغير..

علينا أن نحترم فينا ذلك الجانب الذي لا يعرف...ونحترمه أيضًا في الآخرين.

وإن كنت صادقًا بحق ....ستجد من يساندك بحق





وستجد من يتعالى عليك.....ستعرفه جيدًا!

في نظرة عينه ...في نبرة صوته!

بين همس الأصدقاء ستجد صوته عالي!

ولكن قبل الانفعال تذكر أنك ستأخذ منه ما سينفعك طوال حياتك، وهو لن يأخذ أكثر من فرصة لإثبات ذاته مدتها ربما دقائق!

وإن قال لك مستهزئًا "أكتبها يمكن تنفعك"!....أمسك بأقرب ورقة وقلم أمامك وأكتبها لأنها سوف تنفعك :)


الأربعاء، 16 فبراير 2011

الشباب البديــــع..




أيادي مصرية سمرا ليها في التمييز


ممدودة وسط الزئير بتكسر البراويز


طلع الشباب البديع قلبوا خريفها ربيع


وحققوا المعجزة صحوا القتيل من القتل


اقتلني! قتلي ما هيعيد دولتك تاني


بكتب بدمي حياة تانية لأوطاني


دمي ده ولا الربيع الاتنين بلون اخضر


وببتسم من سعادتي ولا احزاني



من قصيدة الميدان للشاعر عبد الرحمن الأبنودي


السبت، 12 فبراير 2011

حقيقة الدهب..

أطهر قلوب الدنيا قلب اللهيب
أصدق لسان كان لسان اللهب
جنون غضب بعده السكون الرهيب
تصفى النيران وتبان حقيقة الدهب




لم أر وصفًا مثل هذا من قبل!
لم أدرك المعنى الذي ما بين السطور..


أللهب طهر؟!
أيصدق الشر يومًا؟؟!

سيد حجاب شاعرٌ مبدع ...وقبل أن يسطر هذه الكلمات، لابد أن كان هناك ما يرمي إليه!


وجاء يوم 25 يناير ....ثورة النور والنار والغضب!
أدركت المعنى كاملا.....رأيته بأم عيني!
رأيت أخي الصغير وقد أصبح رجلا يمسك بعصا وسط شباب الحي ليحمني وليحمي محلات وبيوت من لا يعرفهم!
رأيت محمد جارنا ومايكل صديق أخي وعم سيد والأستاذ عبد الحميد وميشو (ميشيل) وأحمد وعماد وخالد وغيرهم كثر
رأيت من كانوا متخاصمين يقفون سويًا يناقشون الوضع!
ورأيت إمام المسجد يوزع الأدوار على فرق الحماية مسلمين كانوا أم مسيحيين!

كانت فتحة الشباك صغيرة فلم تسعني لأرى ذلك العدد الكبير ممن كانوا يقفون كالأسود .. وذلك بعد أن هرب النذل من المعركة!!

النار ثورة ...نخافها ...وبها نحتمي!
هي التي ما إن اشتعلت حتى تتحول نيرانها إلى نور ...يضئ لنا الطريق.
هي التي تذيب الأقنعة لتفضح وجوهنا قبيحة كانت أم بالغة الحسن!
هي التي بانصهار الذهب بها ..نعرف ونقيم حقيقته!
عرفت حقيقة الذهب بعد ثمانية عشر يومًا من الانصهار، وإن كان لمعان الذهب قد بدء في البزوغ منذ اليوم الأول!

عرفت أن بينا شباب رجال يعرفون جيدًا كيف ينظمون أنفسهم ويواجهون الموت بلا خوف!
وعرفت أيضًا أن هناك رجال حماستهم لا زالت شابة رغم الشيب.

حكى لي أخي كيف هرب بعض الغرباء ذو الوجوه الإجرامية رعبًا كانوا على مقربة من الشارع، لمجرد أنهم رأوا "شباب المنطقة" من بعيد!
كنت سعيدة بما اسمع...فخورة بأخي رغم اختلافي معه سياسيًا!
كنت سعيدة وابتسامتي تملأ وجهي رغم خوفي عليه!



ميدان التحرير

لم أكن هناك.... ولكن لم يكن بالبعيد عني
ليس بالمكان ولكن ..بالصورة!

أسوأ ما كان في النظام هو ذلك الغباء المستحكم في التعامل مع الأزمات!
قطع شبكة الإنترنيت ....قطع شبكات التليفون المحمول ...وإغلاق قناة الجزيرة!
غباء لم تمارسه أكثر الدول ديكتاتورية وجهل!
ناسيين أن الصورة أو لغة الميديا ...كانبثاق النور من النوافذ رغم إحكام غلقها!
تابعت قنوات أخرى ..وبالطبع لم يكن التلفزيون المصري ..ضمن قائمة المتابعة ...فقد اكتشفت أن ذهبه كان عيار 18!
بل قنوات أخرى كانت أكثر موضوعية وحرفية إلى حد كبير وأذكر منها الـ BBC، العربية، الـ CNN، ومصورين أبطال كانت عدساتهم صرخة في وجه التضليل!

رأيت وشاهدت ...وفرحت بكل ما رأيت!
كنت بعيني هناك !....هناك في الميدان!
رأيت شابًا يقف بشجاعة أمام مدرعات النظام وحده!


هناك في الميدان...
رأيت مجندًا يبكي من هول ما رآه وقد جاء متظاهرًا ليمسح دمعته!




هناك في الميدان..
رأيت شبابًا كالورود ينظفون بأيدهم ميدان ثورتهم دون توجيه من أحد!






هناك في الميدان..
رأيت أقابطًا وقد قدموا أجسادهم دروعًا بشرية لتحمي مسلمين أثناء صلاتهم في الوقت الذي قام فيه النذل بإلقاء المياه على الساجدين!
















بكيت حزنًا ...وبكيت فرحًا ...وضحكت كثيرًا!
حزنًا على شهداء في عمر الزهور!
وفرحًا لما رأيته من عظمة الشخصية المصرية وقد وصلت إلى قمة النبل الإنساني والقوة والتحضر ورفض الظلم والاستعباد بل والاستمامة في سبيل ذلك!
وضحكت كثيرًا عندما علمت أن "تمورة انضرب في الميدان"!
وبعد البكاء والضحك ..يأتي دور الفرحة!
فاليوم، يوم تاريخي بحق!
ليس شعارًا ...ولا تزيين كلمة!
لا، بل لأننا علمنا العالم كله كيف يكون التحضر في مطالبتنا بحقوقنا المشروعة من خلال ثورة سلمية
لأننا علمنا العالم كله كيف يكون التغيير بيد وباليد الأخرى كيف يكون البناء
لأننا علمنا العالم كله كيف أن للمصري كرامة لا يستهان بها فأجبرنا الجميع على احترامنا
وتاريخي لأننا ولأول مرة نسمع من مذيعة الأخبار ذلك التعبير غير المستساغ ... "الرئيس المصري السابق"!

الأحد، 9 يناير 2011

أعيدوا لنا "الكنوز"...


كانت ليلة شتاء باردة...
أترك فراشي الدافيء بحذر ...وأتوجه إليه!
فقد قاربت الساعة على الثانية بعد منتصف الليل...وهذا موعدي معه!

أخرج من غرفتي على أطراف أصابعي حتى لا يفيق أحد من ثباته العميق ...
فيعكر علينا صفو اللقاء!

أدير زر التلفاز ....فيبدأ العرض.....
ومن ثم اللقاء!

برنامج "كنوز مسرحية" ....والذي يختص بعرض "الكنوز" من الأعمال المسرحية القديمة...
خصوصًا تلك التي عُرضت في فترة السيتينات حتى أوائل السبيعينات ....ذلك العهد الذهبي من تاريخنا المسرحي.

"سكة السلامة"، "جميلة بو حريد"، زهرة البنفسج"، "حلاق بغداد"، "دماء على استار الكعبة"، "كرسي الإعتراف"، "مآساة الحلاج"، "راسبوتين"، "الشوارع الخلفية"، "سر الحاكم بأمر الله"، وغيرها ..وغيرها من المسرحيات التي اصطبغت معظمها باللونين الأبيض والأسود.

أذكر الموعد جيدًا ...
يوم الإثنين .....القناة الثانية ...الساعة الثانية بعد منتصف الليل....
بالطبع موعد يصعب نسيانه...

كنت أمام التلفاز، اتكور داخل "بطانية" لتحمني من البرد على كرسي غير مريح بالمرة..
كنت أحاول بقدر الإمكان أن أخفض صوت التلفاز، حتى لا يستيقظ أبي فيذكرني بأني "عندي مدرسة الصبح"
كنت أغالب النعاس حتى لا يفوتني شيء

فالحق أن ما كنت أشاهده ...يستحق!

إن كنت يا سيدي تملك قلب من حجر !
فقلبي ما عاد يطيق أن أكتم حبي لك سأقولها بكل فخر!!
أحبك أيها الملك الأغر!!
أحبك بكل الحب الذي أملك أو يملك بني البشر!
أحبك وما الحب عندي مثلك حربٌ فيها كر وفر!!


الكلمة.....
عرفت معنى "جمال الكلمة" من خلال تلك المسرحيات ..
ففي مسرحيات كـ "دماء على أستار الكعبة" و "مأساة الحلاج" و"سر الحاكم بأمر الله"...والتي كان لغة الحوار فيها هي اللغة العربية الفصحى ...تجد أن "لغتنا الجميلة ...."جميلة بحق!

فمابلك بأن من يؤديها أيضًا ممثلين كـ "عبد الله غيث" و "سميحة أيوب" و"يوسف وهبي" و"سناء جميل
بالطبع سيزداد الجمال روعة ورقي!

كنت استغرب ذلك الموعد شبه المستحيل!
لماذا تكون الساعة الثانية بعد منتصف الليل موعدًا لعرض برنامج بأهمية برنامج "كنوز مسرحية"؟!

برنامج يساهم بشكل مباشر في الإرتقاء بذوق وفكر المتفرج

لماذا يؤخرون "الكلمة الجميلة" إلى ما بعد منتصف الليل؟؟!

وذات "أثنين"، كنت كالعادة ...على الموعد معه..
وقمت بكل طقوس ما قبل رفع الستار..
أحضرت بطانيتي ...وتكورت بداخلها!
أخفضت صوت التلفاز..وغالبت النعاس....
ولكنه لم يأت!
إنتظرت لساعة كاملة أمام "القناة الثانية"، ولم يأت!
عرفت بعد ذلك أن البرنامج تم إلغائه ضمن خطة لتطوير التلفزيون!

إلغائه؟!!...لماذا؟؟!!...ألم يكفي تأخيره؟؟؟!

ثورتي كانت أشبه بثورة مكلوم ..سمع بموت أحد أحبائه.... فيظل يقول: "لا لا لم يمت"!
كنت أقولها أنا أيضًا فكنت أنتظر البرنامج كل يوم أثنين ..على القناة الثانية ...الساعة الثانية بعد منتصف الليل...رغم علمي بأمر إلغائه!

كنت أقول في كل مرة "لعل وعسى" هذه المرة!
لكنه لم يكن يأتي!

لم يكن البرنامج أقل حظًا من غيره ..فقد تم إلغاء "كنوز" أخرى ضمن خطة التطوير هذه!
برنامج "تياترو" "قبل رفع الستار" "نادي السينما" "حدث بالفعل" وغيرها!
كل تلك البرامج تم إلغائها .....للتطوير التلفزيون!

لم أفقد متعة مشاهدة "الكنوز" فحسب ...بل فقدت أيضًا متعة الإنتظار!


كنز آخر كان له نصيب من الإختفاء....
وكان كنزٌ صغير..

أتذكرون برنامج "القرآن علمنا"؟
كان يُعرض على القناة الثالثة يوم الجمعة من كل أسبوع بعد الصلاة مباشرة....أتذكرون؟؟!

كان عبقرية البرنامج في بساطته!

كان يقدم القيم الأخلاقية وخصوصًا تلك التي ذكرت في القرآن في صورة تمثيلية قصيرة مدتها لا تزيد عن عشر دقائق لأسرة من أب وأم وطفلين وبعدها يقوم مقدم البرنامج بعد نهاية الحلقة بشرح تلك القيمة الأخلاقية والدروس المستفادة من الحلقة التي تم تمثيلها لبعض الأطفال والشباب الموجودون في أستوديو القناه!

كان برنامجًا رائعًا...

كنت أتابعه بشغف شديد ...

الصدق، الأمانة، الإخلاص في العمل، حسن المعاملة، النظافة، الإحسان ..

قيمٌ قُدمت وعُرضت في شكل مسلسل صغير في عشر دقائق!

فلما الاختفاء؟!

ما كان لافت للنظر في هذا البرنامج ...أنه لم يكن برنامج ديني بالمعنى المتعارف عليه.
فلم تكن لغة الحوار هي الفصحى مثلاً...ولم ترتدي الأم الحجاب!

وكأن البرنامج يريد أن يقول ...
القيمة أولا ...ولك بعد ذلك كل الحرية!


ولن أترك القناة الثالثة وأذهب بعيدًًا ...فقد كان هناك كنزًا آخر يُعرض بها!
هو البرنامج المختفي "بلاغات"...للمذيع المختفي أيضًا.."عاصم بكري"!
كان يُقدم في أقل من خمس دقائق ...درسًا لغويًا صغيرًا جميلاً باللغة العربية!
والحق أن الرجل كان رائعًا في لغته وإلقائه!

لم تكن الكارثة في إلغاء أو اختفاء تلك البرامج فحسب بل كان أيضًا في عدم وجود بدائل لها!
فنحن الآن في أمس الحاجة إلى مثل تلك البرامج حتى لا يأتي فيه اليوم الذي نجد كل ما هو جميل قد اختفى!

وحتى لا يعود ذلك اليوم الذي وجدت فيه ابن خالتي ذو السبعة أعوام يغني في سعادة ...
"أنا شارب سيجارة بني"!