لم تكن مجرد عبارة قالتها فيروز في أغنية..بل كان نداءٍ ترتجف حواسي عند سماعه..فكانت مدونتي.. "يا صوتي ضلك طاير"!!
الخميس، 14 يناير 2010
"نفسك تطلعي إيه؟!" (الجزء الثاني)
"يا أبيض.. يا أسود"!!
عبارة شهيرة تُقال عادةَ في لهجة حاسمة ووجه متجهم للتعبير عن الرغبة في تحديد المصير!!
لونين لا ثالث لهما...لا يقبلان أي لون آخر بينهما ....ولا يريدان حتى الإتحاد فيما بينهما ليصلا إلى اللون الرمادي ...ذلك اللون الحيادي الذي لا يُغضب أحدًا!!
عند انتقالي إلى تلك المرحلة التي يحلو للبعض تسميتها بـ "عنق الزجاجة" ..أو بمعنى أصح "الثانوية العامة"...ورغم أن التوتر والقلق توأمي الملتصق ..إلا أني في هذه المرحلة لم أشعر بذلك التوتر المفروض على كل طالب في الثانوية العامة ..لم أؤدي ذلك الواجب القومي في التوتر والقلق ...ليس لأني كنت طالبة فذة وعبقرية ولا أخاف تلك التفاهات التي تسمى بامتحانات آخر العام ...
لا ...بل لأنني كنت أعيش عالم رمادي ...فقد كان كل ما حولي رمادي ...
حوائط المدرسة....
زي المدرسة ....
وأحلامي أيضًا!!
في تلك المرحلة لم أكن ذلك الطالب الذي لديه حلم معين ويحترق من أجل تحقيقه!!
فلم أكن أريد شيئًا معينًا ...ولم أحب شيئًا معينًا ...
ولكن حدث ذات مرة أن قامت مدرسة اللغة العربية بإعطائنا بعض الفروض المدرسية ومن بينها كتابة موضوع تعبير عن مشكلة البطالة في مصر ...كان الموضوع محبطًا نوعًا ما لطلاب في مثل عمرنا ....
فقمت بكتابة الموضوع من باب أنه "واجب دراسي" أقوم به خوفًا من العقاب ...وليس لتعلم شيئًا جديدًا!!
في اليوم التالي، قمت بتسليم ما كتبته لمدرستي كباقي زميلاتي في الفصل غير مكترثة بتلك الأخطاء النحوية التي وقعت فيها أثناء كتابتي...فيكفيها أني قمت بالكتابة أصلا!!..
هكذا كنت أفكر !!
بعد يومين، جاءت مدرستي إلى الفصل وفوجئت بها تنادي باسمي:
"فين لبنى عبد الهادي؟؟!!"
لم أشعر بقدماي يومها حين وقفت والخوف يعتصرني ....كنت اسمع صوت دقات قلبي ..وظننت أن العالم كله يسمعها أيضًا!!
ماذا تريد مني مدرستي؟...ماذا فعلت؟!!.
من المؤكد أنه شيء خطير ما يجعلها تناديني باسمي كاملا دون تردد!
فقد كانت مشكلتي هي أن معظم مدرسيني ينسون اسمي!!
ولما لا.. فالفصل به أكثر من 50 طالبة يرتدون نفس الزي ...ونفس اللون الرمادي!!
كنت أُنادى دائمًا في الفصل بـ "اللي بعدها"!! ...وهذا على اعتبار أننا مجرد "تسلسل منتظم" وليس لنا اسماء!!
"تعالي يا لبنى هنا"...قالتها بهدوء شديد!!
كان مقعدي في آخر الفصل تقريبًا ...كما أحب دائمًا!
فقد كنت أكره المواجهة!!
مشيت في خطوات مترددة وأقول في نفسي:
"هي الأخطاء النحوية اللي عملتها!!...كان فيها إيه يعني لو كنت خليت بابا هو اللي يكتبلي الموضوع زي ما صحبتي عملت؟؟!!...كان لازم يعني اتفزلك واكتبه أنا؟؟ ليه يعني؟ أنيس منصور حضرتي؟!!"
أنيس منصور ....
كان الكاتب الأول بالنسبة لي في تلك المرحلة العمرية...وكنت أهوى مقالته الساخرة!! وكأنه يتحدث على لساني!!
نظرت إليها بعين استرحام وقبل أن أنطق بكلمة ....بادرت هي بامتداحها لأسلوبي في كتابة الموضوع ...وطلبت مني أن اقرأ الموضوع على زميلاتي في الفصل بصوت عالي!!
كاد أن يُغشى عليَّ من هول المفاجئة!!
أنا؟!...أسلوب جميل؟!..وصوت عالي؟؟!!
ثالوث آخر لا يجتمع فيَّ أبدًا ...على الأقل أثناء تلك المرحلة العمرية.
أمسكت بكراستي..وبدأت اقرأ أول سطور الموضوع في صوت مرتعش!!
قاطعتني زميلة لي موجهة كلامها إلى المدرسة:
"مش سامعين يا أبلة"!!
بدأت أرفع من مستوى صوتي فبدى ارتعاشه أكثر وضوحًا!!...إلى أن انتهى الموقف بتصفيق زميلاتي !!
كنت سعيدة ..غير مصدقة لما حدث ...لقد عرفت ما أريد!!...لقد أمسكت بطرف الخيط!!
الكتابة!! ...نعم !!...لماذا لا يكون هدفي هو الكتابة إذن؟...لماذا لا أكون صحفية مثلا والتحق بكلية الإعلام؟
كنت كالغارق الذي يتعلق بالقشة ...حتى ولو كان يدري أن مصيره هو الغرق لا محالة ...فالقشة بطبيعة الحال لا تحتمل ...ومجموعي أيضًا لم يحتمل!!...
ولأن مكتب التنسيق هو من يحدد أهدافنا وليس نحن..بدأت من جديد أبحث عن بديل ...
بديل لهدفي ... هدفي الذي لم يكن موجودًا في الأصل!!
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
حلو أوى، خلتينا متشوقين نعرف بقية الحكاية :)
ردحذفحقيقي يا لبنى كل مرة بحس بنضجك وثقتك في الكتابة..استمري بنفس الخطى.
ردحذفياه يا لبنى أنت فعلاً ممكني أوي تصبحي صحفية
ردحذفممكن مثلاُ تكتبي في المدونة نقد للأفلام
أنت فعلاً موهوبة وأسلوبك سلس وواضح وجميل وأنا أحيي مدرستك جدًا
رأيي إنك لازم تبقي صحفية ولازم كمان تتعلمي التصوير على أصوله لأن أهم نقطة إنك بتحسي بالمشهد اللي المفروض يتصور ودي في حد ذاتها موهبة
ردحذفلبنى
الموضوع بجد جامد جدًا
انا رأيي يا لولو تشتغلي ناقدة سينائية هتبقي ناجحة جداا وممكن تكتب نقدك في اي جريدة وتجمعي بين شغلانة صحفية وناقدة زي علاء صادق (الاسم كده صح؟) بتاع الكورة
ردحذف