مئذنة تتساقط ..
لم أدرك هول المشهد إلا بعد أن رأيتها حطامًا يتهاوى ..
إنها حقيقة!..
قصف حقيقي على مسجد بنهار رمضان وبأيدي مسلمين!
أو على الأقل كما يدعون ذلك
المكان حي دير الزور بسوريا...
الزمان .. كل زمان!
لا تخرج الشعوب إلى الشارع عبثًا..
ولا تراق دمائها عن طيب خاطر لإثبات بطولة زائفة॥
فالحرية حق ..
والكرامة حق ..
وحين يراق دمي ...
ويُهان ديني ..
يزداد الحق حقا!
ما يحدث في سوريا الآن يفوق كل تصور ..
فالطاغي يقر بطغيانه كل يوم .. ولا يكترث ..
يتفاخر بطغيانه .. ولا يكترث ..
يقول أنا الله بينكم .. ولا يكترث ..
يقصف المدنيين ..
يُمثل بجثث أطفال..
يدفن ثوارًا أحياء..
ولا يكترث
وفي المقابل ... نقف نحن أمام السفارة السورية!
أعتذر لسوريا ..
أعتذر وأعتذر..
أعتذر لشعب فدائي باسل كانت أقصى حدود معرفتي به، مجرد متابعة أعمالٍ فنية ... وقراءة أشعار نزار قباني!
فلم اقرأ غير الشعر..
ولم أفهم غير متأخرًا!
لم أعرف عن تاريخ ذلك البلد الجميل .. غير الجميل!
ولم أفق إلا بعد أن رأيت أول قطرة دم!
دماء في سوريا... من كان يتخيل؟!
تابعت الموقف ..
بحثت في المواقف ..
من مع ومن ضد
وكانت الصدمة التي لا يقل هولها عن رؤية الدم..
فنانون ومثقفون سوريون كنت أرى فيهم النضال منهجًا وعقيدة ..
كنت أعرفهم جيدًا ..
أحبهم كثيرًا ..
أعرف تاريخهم .. وكنت متابعة جيدة لأعمالهم
أسماء مجرد سردها يبعث في النفس روح الثورة!
وما إن قامت الثورة .. حتى سقطت الأقنعة!
الفنان ليس مجرد شخص حباه الله موهبة
بل هو نبض شعبه..
العقل الذي يترجم مشاعره إلى صورة ..
هو الصوت حين تُكتم الأفواه بالدبابات ॥
ولكن ما رأيته كان نبض بشار ...
وعقل بشار ..
وصوت بشار ..
يقول الدكتور مصطفى محمود: "الأحرار يبكون شهداءهم .. والعبيد يبكون جلاديهم"
وأقول لهم
أنتم لم تكنوا عبيدًا في البداية حتى تُستعبَدوا الآن!
إما أنكم كنتم تدعون وطنية ليست فيكم
أو أن الخوف هو من كان يتحدث !
إن الإدعاء كذب .. والخوف خيانة
ولكن بين الكذب والخيانة يظهر الصدق متجليًا في أناس لم يرسموا حول أنفسهم هالات بطولة..
شرفاء حقيقيون من الفنانين السوريين الذين قالوها بصدق ووقفوا بجانب الشعب.
مي سكاف، جمال سليمان، محمد أوسو، فارس الحلو، أصالة، محمد آل رشي، كاريس بشار، المنشد يحيى حوى، كندة علوش، يارا صبري والمخرج السوري ماهر الصليبي وغيرهم كُثر من الفنانين الذين أرادوا لشعبهم الحياة والحرية حتى ولو كان ثمن مواقفهم حريتهم هم.
إذا كان الوقوف أمام السفارة السورية هو أضعف الإيمان .. فلنفعل!
فطرد السفير السوري من بلادنا هو أقل تضامن مع ذلك الشعب الذي يعاني أشد أنواع القصف والقتل والتعذيب منذ أكثر من سبعة أشهر ولم يستسلم.
وإن كان هناك من يردد ذات الكذبة ويقول أن الأغلبية هناك هم من المؤيدين ..والديمقراطية تحتم علينا احترامهم
فسأقول إن هذا النظام فقد شرعيته مع أول دبابة دخلت قرية سورية لتقتل وتدمر!
مع أول خيمة نُصبت على الحدود التركية لسوري هُجِّر!
ومع أول مئذنة رأيتها تسقط بفعل قصف همجي .. وكانت تقول الله أكبر!