الأربعاء، 9 ديسمبر 2009

اسم مستعار ..وكلمة سر!! (الحلقة الأخيرة)



طالما أزعجتني فكرة الاغتراب لبلاد أخرى والهروب إلى حضارات أخرى لمجرد أن أحوال بلادنا لا تروق لنا.. كنت أنتقد بشدة كل من يرتدي تلك القبعة الغربية متحججًا بأن بلادنا العربية لا تعرف الفرق بين الحضارة والتحضر. فهي بلاد ليس بها خير لنا ..أو بالأحرى ..لا تستحق الخير منا!
أما هناك ..في بلاد الغيوم....تلك البلاد الباردة في كل شيء ..سنجد احترام الآخرين والحرية والتحضر...ربما تحضر بلا حضارة ..ولكن لا يهم ..فالماضي ..قد مضى ..ومن حكمناه بالأمس ...هو من يحكم اليوم....فلما نمارس غرور الماضي الآن؟!!..لماذا نفتخر دائمًا بحضارة لم نصنعها بأيدينا؟...صنعها أناس آخرون في زمن آخر كان لهم وحدهم..ونحن جئنا إلى الدنيا فقتلنا تلك الحضارة بداخلنا قبل أن تموت بفعل عوامل التعرية!!..
فلنبقى بجانبهم إذن ..أو حتى أسفلهم .لا يهم....فهم الأقوى ..والبقاء دائمًا للأقوى!!..هذه قواعد اللعبة!!

تفكير منطقي .. ولكني لا أحترمه ...فكنت أرى في هؤلاء.. النموذج السخيف للإنسان العربي "غير المنتمي"..حيث كانت التذمر هي لغته الأم ..وليست العربية!!

ورغم سخافة هذا النموذج ..إلا إني بعد تجربتي التي خضتها بالمنتديات العربية ..والتي هي بالتأكيد نموذج مصغر لبلادنا العربية، قد التمست لهم القليل من العذر..القليل فقط ..وليس التبرئة ...فهم لا يزالوا في نظري "غير منتمين" ..

الحق أن التجربة كانت قاسية في منتدياتنا ..كانت محبطة إلى حد كبير ..ولأن المنتديات ما هي إلا بلاد ...فقد قررت أن أخوض تجربة أخرى ..من نوع آخر وأسافر بعيدًا باسمي المستعار ..وكلمة السر الخاصة بي والتي عادةً ..لا تتغير!!
سأحقق التوازن ..ولكن لن أكون ذلك النموذج السخيف المتعجرف ذو القبعة..فبطبيعة الحال لأحب ارتداء القبعات...سأكون أنا ..أنا كما أنا بلا قبعات .فأنا لا أحب القبعات!!....ربما ستتغير لغتي ...ولكن ..
لن تتغير لهجتي !!

حدث في أحد المنتديات الأمريكية

كان هذا عنوان مقالي الذي وضعته من قبل في أحد المنتديات العربية.. أشكو فيه ما حدث لي في أمريكا ..أقصد أحد المنتديات الأمريكية!!... والذي بالمناسبة ..تم نقله إلى العديد من المنتديات العربية من باب "السرقة" بنفس العنوان وبنفس المحتوى دون تغير حرف واحد فيه!!
فشخصية "السارق" هي البطلة الرئيسة في مسلسل "شخصيات منتدياتنا العربية" ..التي قمت بسرد حلقاته من قبل...وتأتي هذه الحلقة الأخيرة ..لتوضح ما حدث ...

اسم مستعار ..وكلمة سر ..كانت هذه أولى طلبات التسجيل في أحد المنتديات الأمريكية..
Hi All
I'm Lobna from Egypt..

.كانت هذه أولى كلماتي إليهم ...وعلى غير المتوقع ..كان ترحيبهم بي كبيرًا ...خصوصًا عندما علموا إني من مصر ...اكتشفت أن مصر لها مكانة كبيرة في قلوب الكثير من الأمريكيين ...على عكس المصريين أنفسهم!!
فقد أخذوا يسألوني عن الأهرامات وأبو الهول وشرم الشيخ...وطلبوا مني إدراج صور للنيل والأهرامات والمعابد...

كانوا بسطاء في معاملتهم ...جادين جدًا في شروط التسجيل بمنتداهم....
أذكر أنه كان ضمن شروط التسجيل عدم الإساءة لأي عضو من أعضاء المنتدى ..وخصوصًا المثليين منهم!!

تعجبت من التأكيد المبالغ فيه على احترام الآخرين حتى ولو كانوا شواذ جنسيًا ..في الوقت الذي قامت فيه القوات الأمريكية في العراق بتصوير معتقلي "أبو غريب" ..وهم عراة!!

كانت فرصتي كبيرة لأعرض أهم قضايا أمتي العربية ..في منتدى عرفت بعد ذلك أنه من أكثر المنتديات الأمريكية شهرة وشعبية ..ولا يعرف أعضاءه عن مصر سوى أن عاصمتها Cairo وتقع بها الأهرامات والنيل!!

"لماذا نسمع (نحن الأمريكيون) أخبار مقتل 7 إسرائيليين ولا نسمع عن الإبادة الجماعية في غزة؟؟!!"

كان هذا ترجمة لعنوان مقال باللغة الإنجليزية كتبه صحفي أمريكي ..في إحدى الجرائد الإلكترونية الأمريكية ...وقد قمت بنسخ المقال كما هو على صفحة المنتدى في القسم السياسي ..كأول موضوع لي أقوم بمناقشته في منتداهم الكريم..
كان المقال ينطق بالحق رغم قصره ..كان شديد الأهمية …وتنبع أهميته في أن كاتبه أمريكي مثلهم …فلم يكن عربيًا …ولم يكن مسلمًا…فقط ..قمت بنسخ المقال كما هو مع إدراج رابط المصدر المأخوذ عنه المقال ..وذلك لكي أبعد عني أي شبهة أمامهم في فبركته!!

كان المقال يقول في مجمله أن السبب الرئيسي في أننا كأمريكيين لا نعرف شيء عن الإبادة الجماعية التي تحدث ضد الأطفال والنساء والشيوخ في فلسطين ..في الوقت الذي نسمع فيه دائمًا عن مقتل 7 إسرائيليين ..هو أن اللوبي اليهودي هو المتحكم الأول في الإعلام والاقتصاد الأمريكي…

وفي نهاية المقال عرضت عليهم الموضوع لمناقشته فكتبت أسفل المقال هذا السؤال: "?What do you think"
تاركة لهم حرية التفكير في الأمر ..وحرية الرد أيضًا..

وكان ردهم سريعًا ...سريعًا جدًا ...ففي اليوم التالي فقط ...وصلتني رسالة من المنتدى تفيد بحذف عضويتي!!

كانت المفاجئة كبيرة ...كبيرة لدرجة أني كنت أقرأ سطور الرسالة بشكل سريع جدًا لأعرف سبب حذف
عضويتي !!...وتوقفت عيناي عند كلمة " Trolling" وتعني "التصيد".....لم افهم ما معنى "التصيد" هنا؟!!

فأنا لم أسب أحدًا ..لم أهاجم فئة معينة، ...قمت بعرض الموضوع في مكانه المناسب بالمنتدى، ...لم أرتجل كلمات حماسية قبل أو بعد المقال،...لم أشعرهم حتى أني مسلمة ...فلم يكن هناك مكان مخصص لكتابة الديانة في التسجيل... وهذا على اعتبار أنهم ....أو كما يظنون أنفسهم ...متحضرون!!

شعرت بالاهانة .. وكأنما يقول لي أحدهم: "أخرسي"!!...."لا نريدك بيننا"....عرفت يومها ما معنى أن تعيش غريبًا في بلد غريبة ..رغم أني لازلت في مكاني!!

كان من الممكن أن أتحايل ...كان من الممكن أنضم إليهم من جديد ...باسم مستعار جديد ..وبعضوية جديدة ..ولن يعرف أحد بذلك ..ولكن كنت سأضطر إلى أن أرتدي تلك القبعة اللعينة التي لا تناسبني ..فأنا لا أحب القبعات!!

قال لي أحد الأصدقاء: "هوني على نفسك، فربما كان مدير المنتدى يهوديًا متعصبًا وستكون هذه الحالة حالة فردية ولا تمثل الشعب الأمريكي ككل أو ربما كان المنتدى حكوميًا وتابع لرقابة الدولة"

ربما كان كلامه صحيح .. ولكن صحة كلامه ...قد زادت جرحي عمقًا!!...فقد أصبحنا بالنسبة إليهم أقل أهمية من شواذهم!!

كانت تجربتي مع المنتديات صادمة وقاسية نوعًا ما.. فقررت أن أترك كل ما هو "منتدى"..
ولكن لن أترك رحلة بحثي ...
واكتشفت الكثير،..فكنت أرى أن الدنيا كلها كالكتاب الصغير ..الذي يمكن تصفحه سريعًا
ولكن عبث!!..فالدنيا هي الدنيا ..عالم شاسع ..لا نستطيع معرفة كل ما في طياته...
حتى لو وصلنا لما نريد ..فهناك أشياء أخرى لم نصل إليها بعد ..ربما لأننا لم نسمع بها من الأصل!!
اكتشفت أن تلك النافذة السحرية ما هي إلا ثقب صغير أتلصص منه !!... أتلصص فقط!!

ولكن ستتعجبون إن قلت أني مكتفية بالتلصص ...سعيدة بهذا الغموض الذي يحوم حول الأشياء التي لا أعرفها..فهذا الغموض هو ما يحفزني للبحث ...ومن ثم متعة البحث!!

تعلمت أن صوتي هو ملكي أنا وحدي..فكانت مدونتي هذه ..فأصبح لي مكان في هذا العالم ..عالم لا استخدم فيه..
اسم مستعار...وكلمة سر!!
بل...
اسمي الحقيقي ...وكلمة سر!!

هناك 3 تعليقات:

  1. أتمنى يا لبنى أن يظل دائمًا صوتك طاير بهالضماير بلكي بيوعى الضمير

    أقول أن من هان على نفسه، هان على قومه

    ومن هان على قومه، هان على الجميع

    إن ما يحدث لنا هو نتاج لكل ما نشعر به من مهانة، ونتاج ما يشعر به الآخرون تجاهنا

    أحيانًا أنهم يروننا من طبقة أقل

    مخلوقات أقل رقيًا وعقلاً وثقافةً وفهمًا

    وهذه الأفكار ضد كل ما هو شرقي عربي أو غير عربي مسلم أو مسيحي

    فما يفعله اليهود يفعلونه في مسلمي القدس والخليل

    وفي مسيحيي بيت لحم

    وما فعله الأمريكيون في العراق كان كذلك

    ملخص الأمر أننا لا يجب أن نظل نتحدث دون أن نفعل

    ملخص الأمر أننا - وهذا رأيي - بدلاً من محاولات إقناعهم بأننا جيدون ومظلومون، علينا - خاصةً نحن الذين نتشدق بأننا مثقفون - وأننا محبون للوطن - أن نعمل على التغيير

    تغيير أنفسنا

    تغيير من حولنا بالتوعية والمناقشة

    تغيير الأجيال القادمة بالتربية الهادفة

    تحياتي على الموضوع الرائع

    ردحذف
  2. الكلام أصبح أسهل شيء نشجب وندين ونعترض وأيه يعني ما دام دون جدوى

    خلي صوتك دائمًا طاير

    حلوه جدًا اختياراتك للصور والتعليقات المزينة لمدونتك

    ردحذف
  3. يا بنت الحلال في مثل بلدي بيقول

    اللي يقول لمراته يا عورة عيالها يلعبوا بيها الكورة

    احنا فعلا شعوب بيتلعب بينا الكورة لاننا لا نحترم نفسنا وادميتنا بيننا

    فلا يجوز احترامها من قبل الاخرين

    تحياتي

    ردحذف